فصل: الشاهد التاسع عشر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.مسير دبيس إلى الملك طغرل.

لما سار دبيس من الشام إلى الملك طغرل بأذربيجان تلقاه بالمبرة والتكرمة وأنظمه في خواصه ووزرائه وأغراه دبيس بالعراق وضمن له ملكه فسار معه لذلك وانتهوا إلى دقوقا في عسكر كثيرة وكتب مجاهد الدين مهروز صاحب تكريت إلى المسترشد بالخبر فتجهز لمدافعتهم وجمع العساكر فبلغوا اثني عشر ألف فارس وبرز من بغداد في صفر سنة تسع عشرة وخمسمائة وفي مقدمته برتقش الذكوي ونزل الخالص وانتهى إلى طغرل خروج المسترشد فعدل إلى طريق خراسان ونزل جلولاء وتفرق أصحابه للنهب وبرز إليه الوزير جلال الدين بن صدقة في عسكر كبير فنزل الدسكرة ولحقه المسترشد وكان معه ورحل طغرل ودبيس إلى الهارونية ثم سارا إلى تامرا ليقطعا جسر النهروان فحفظ دبيس المعابر وتقدم طغرل إلى بغداد وتملكها ونهبها ثم رحل دبيس من تامرا وأقام طغرل لحمى أصابته وحالت بينهما الأمطار والسيول ثم أخذ دبيس ثقلا جاء للخليفة فيه ملبوس وطعام كثير وكان لحقه الجوع والتعب والبرد فأخذ من ذلك الملبوس ولبسه وأكل من الطعام كثيرا واستقبل الشمس فأخذه النوم ورقد وأما الخليفة لما بلغه الخبر بأخذ الثقل رجع إلى بغداد ففي حال سيره عثر على دبيس وهو نائم فوقف وأيقظه فحل عينيه ورأى الخليفة فبادر بتقبيل الأرض على العادة وسأل العفو فرق له الخليفة وثناه الوزير ابن صدقة عن ذلك ووقف دبيس أزاء عسكر برتقش يحادثهم ثم مدوا الجسر آخر النهار للعبور فتسلل دبيس عنهم ولحق بالملك طغرل وسار معه إلى عمه الملك سنجر وعاثوا في أعمال همذان واتبعهم السلطان محمود فلم يظفر بهم.

.مسير دبيس إلى السلطان سنجر.

لما أيس طغرل من ملك العراق عندما سار إليه مع دبيس عاد منه وسار هو ودبيس إلى السلطان سنجر وهو يومئذ صاحب خراسان والمتقدم على بني ملك شاه فشكى إليه طغرل ودبيس من المسترشد وبرتقش الشحنة ووعدهم النصفة منهم ثم داخله دبيس وأطمعه في ملك العراق وخيل له أن المسترشد والسلطان محمود متفقان على مباعدته ولم يزل يفتل له في الذروة والغارب حتى حرك حفيظته لذلك وسار إلى العراق سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة فوصل إلى الري واستدعى السلطان محمودا من همذان يختبر ما خيل له دبيس فجاء محمود مبادرا وأكذب دبيسا فيما خيل وأمر السلطان سنجر العساكر بتلقي السلطان محمود وأجلسه معه على التخت وأقام عنده إلى آخر سنة اثنتين وعشرين ثم عاد إلى خراسان وأوصاه بإعادة دبيس إلى بلده فرجع السلطان محمود إلى همذان ودبيس معه ثم سار إلى بغداد في محرم سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة وأنزل دبيس بداره واسترضى له الخليفة فرضي عنه وامتنع من ولايته وبذل دبيس مائة ألف دينار لذلك فلم يقبله وعاد السلطان محمود إلى همذان منتصف السنة.

.فتنة دبيس مع محمود وأسره.

كانت زوجة السلطان محمود وهي ابنة عمه سنجر تعين بأمر دبيس فماتت عند رحيل السلطان إلى همذان فانحل أمره ثم مرض السلطان فأخذ دبيس ابنه الصغير وقصد العراق فجمع المسترشد لمدافعته وكان بهروز شحنة بغداد بالحلة فهرب عنها وملكها دبيس في رمضان سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة وبلغ الخبر إلى السلطان محمود فأحضر الأمير ابن قزل والأحمديلي وكانا ضمنا دبيس فطالبهما بالضمان فسار الأحمديلي في أثره وجاء السلطان إلى العراق فبعث إليه دبيس بهدايا عظيمة كان فيها مائتا ألف دينار وثلاثمائة فرس بسروج مثقلة بالذهب ثم جاء إلى البصرة ونهبها وأخذ ما في بيوت الأموال وبعث السلطان في أثره العساكر فدخل البرية وجاءه عند مفارقته البصرة قاصدا من صرصر يستدعيه وكان صاحبها خصيا فتوفي في هذه السنة وخلف سرية له فاستولت على القلعة وأرادت أن تتم أمرها برجل له قوة ونجدة فوصف لها دبيس وحاله في العراق وكثرة عشيرته فكتبت تستدعيه لتتزوج به وتملكه القلعة بما فها فلحقه الكتاب بعد مفارقته البصرة وقفل من العراق إلى الشام ومعه الأدلاء ومر بدمشق فحبسه واليها عنده وبعث فيه عماد الدين زنكي وكان عدوه وكان عنده ابن تاج الملوك مأسورا في واقعة كانت بينهما فطلب أن يبعث إليه دبيس ويفادي به ابنه والأمراء الذين معه ففعل ذلك تاج الملوك وحصل دبيس في يد زنكي وقد أيقن بالهلاك فأطلقه زنكي وحمل له الأموال والدواب والسلاح وخزائن الأمتعة كما يفعل مع أكابر الملوك وبلغ المسترشد خبره فبعث سديد الدين بن الأنبار يطلبه من تاج الملوك فسار لذلك من جزيرة ابن عمر وبلغه في طريقه أنه بعثه إلى زنكي وأنه فاته القصد منه.